الصفحة الرئيسية سجل الزوار راسلنا
» الرواية الاولى لشهادة الامام الجواد ع  
» مواضيع دينية




اللهم صل على محمد وال محمد

عظم الله اجورنا واجوركم ايها الموالين بمصابنا بسيدتنا ومولاتنا الصديقة الشهيدة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام 

ظلامات الزهراء عليها السلام كثيرة جداً  ،، ومنها اخفاء قبرها ، ودفنها سراً ،، وكثيراً ماكان يركز على هذا الموضوع علماء الشيعة وعرفائها إلا أن البعض من المنتسبين لاهل العلم طرح عدة اشكالات واعتراضات حول هذا الموضوع وغيره مما يتعلق بالزهراء عليها السلام وقد رد عليه الكثير من العلماء الأعلام منهم  الفقيه المرجع الديني الكبير سماحة اية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله وذلك في عدة محاضرات متفرقة ،، الا أنه ركز عليها بشكل أكثر في محاضرته بعنوان :

ولأي الأمور تدفن سراً ؟؟



كان المرحوم الميرزا الشيرازي أعلى الله مقامه في منزله أو في منزل الشيخ حسن علي الطهراني ، والشك مني ، فقرأ المرحوم الطهراني وكان من أعظم تلامذة الميرزا الشيرازي ، من مقتل الحسين عليه السلام هذه الجملة : دخلت زينب على ابن زياد ، وما أن سمع الميرزا هذه الجملة حتى تغير ، فشرع الطهراني في قراءة الجملة الثانية ، فقال له الميرزا : إصبر حتى نؤدي هذه الجملة حقها ! والخلاصة ، أن المجلس انقضى ذلك اليوم بهذه الجملة ! إن درجة الفكر والفهم عندما ترتقي ، يختلف تلقي المطالب وفهمها ! فالمطلب واحد ، لكنه يختلف تبعا لحدة الذهن وعمق الفكر الذي يتلقاه ! لقد رأى الميرزا قدس سره في هذه الجملة مطالب ، لم يرها غيره ! وكذلك الأمر في جملة سمعناها وقرأناه مرارا : دفنت فاطمة ليلا سرا . فقد اتفقت مصادر الشيعة والسنة على هذه الجملة ، وفهمت منها الأذهان أمورا ، لكن لو تلقاها ذهن كذهن الميرزا الشيرازي لفهم ماذا تعني !

إن أحداث وفاة الزهراء عليها السلام فيها أمور محيرة ! قالت فاطمة لعلي صلى الله عليه وآله إذا لم تستطع تنفيذ وصيتي فأنت معذور ، فأخبرني حتى أوصي غيرك ! وأوصته أن يقوم بمراسم جنازتها ويدفنها ليلا ، ولا يخبر فلانا وفلانا بموتها وأن يخفي قبرها !

( أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني . . . وأن لا يصلي علي أحد منهم ولا من أتباعهم . وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار ) ! .

هذه الرواية وأمثالها تدل على أن الأحداث كانت خطيرة وجدية إلى أبعد حد ! وأنه لم يضيع حق شخص كما ضيعوا حق الزهراء عليها السلام ، ولا تحمل أحد من الألم ما تحمله أمير المؤمنين عليه السلام ! إن فكرنا يبقى عاجزا عن إدراك هذه الشخصية وهذا الحق المضيع ، ولكي ندرك ذلك نحتاج إلى ذهن كذهن الميرزا أعلى الله مقامه !

ورد في روايات العامة ورواياتنا أن النبي صلى الله عليه وآله عرج به إلى السماء مرتين ، وعن ابن عباس أن أحدهما معراج كرامة ، والثاني معراج عجائب ، وفي بعض رواياتنا أنه عرج به مئة وعشرين مرة . ولعل هذه الحادثة المرتبطة بالزهراء عليها السلام كانت في معراج العجائب ! فقد روى السيوطي وهو من أكابر علمائهم في الدر المنثور ( : 4 / 153 ) حديثا عن الطبراني بحذف سنده ، ثم نقل رواية عن الحاكم وقال إنه ضعفها ، ثم روى حديثا عن الطبراني واهتم به ، وهو عن عائشة قالت : ( قال رسول صلى الله عليه وآله : لما أسري بي إلى السماء أدخلت الجنة ، فوقفت على شجرة من أشجار الجنة لم أر في الجنة أحسن منها ، ولا أبيض ورقا ، ولا أطيب ثمرة ، فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فإذا أنا اشتقت إلى ريح الجنة شممت ريح فاطمة ) . انتهى .

فلا بد أن نفهم من هي فاطمة عليها السلام التي هاجموا بيتها وأضرموا فيه النار وضربوها ! والتي عاشت بعد أبيها خمسا وسبعين يوما ، في مواجهة أحداث مؤامرة ضخمة ، حتى ذاب بدنها من الآلام وصارت كالخيال ، ودفنت ليلا ! !

بعد أن أثبت الشيخ الرئيس ابن سينا جوهر النفس ، في الإشارات في نمط النفس ، أشار إلى الارتباط بين النفس والبدن أو الروح والبدن ! وقد جعل هذا النمط بتعبيره إشارة فقط ، ولم يجعله مبحثا ، وعمله هذا صحيح ، لأنه هنا متفهم وليس فيلسوفا ، وقد استفاد في هذه الإشارة من مقام العارفين ، على أن مبناه في الإشارات أن يجمع جوهر الحكمة ويؤسسه بشكل متن مختصر . وقد ذكر في هذا ( النمط ) كيفية الفعل والإنفعال بين النفس والبدن ، كيف يتأثر البدن بالروح والروح بالبدن ؟ وهذا هو المنطلق لما نريد أن نقوله في شخصية الصديقة الزهراء عليها السلام عن العلاقة التامة بين طهارة الروح وطهارة البدن وصفائهما ، فإن فقه الإسلام يؤكد على وجود علاقة جدلية بين البدن والروح . لاحظوا في أبواب الفقه الأهمية التي يوليها الإسلام للقوت الحلال وطهارته وزكائه ، وأن تسعة أعشار الأمر في تحصيل الرزق الحلال ، لكي يكون نسيج البدن حلالا زكيا ، وتكون نتيجته طهارة الروح وصفاءها . إن قضية غذاء الإنسان لها حساب دقيق في الإسلام ، وهي من معجزات القرآن والشريعة المقدسة . لكن من الذي يفهم ذلك ، ومن يستخرج هذه الجواهر الغالية ؟

 وإن حقيقة أن الزهراء عليها السلام حوراء إنسية ، ليست مسألة بسيطة ! فعندما يكون نسيج البدن من أرقى ثمار الجنة وأنقاها وأصفاها ، ويكون الأب خير الخلق ، فأي بدن طاهر سيكون ؟ 

وفوق ذلك فالروح التي سترتبط بهذا البدن ، أي روح ستكون ؟

 إنها روح الصديقة الزهراء عليها السلام . فهي ليست امرأة من النساء كما يتصور ذلك السطحي الجاهل ! إنها جوهر وناموس ، وسر وجود ، وقضية فوق قدرة استيعاب عقولنا ، بل فوق قدرة تصورنا وإدراكنا !

ذلك النبي العظيم صلى الله عليه وآله ، الذي لا ينطق عن الهوى ، الذي يخضع جميع الأنبياء عليهم السلام أمام قوله وفعله . . عندما يقول عن شجرة طوبى وثمرتها : لم أر في الجنة أحسن منها ، ولا أبيض ورقا ولا أطيب ثمرة ، فمعنى عدم رؤيته عدم وجود المرئي ! ومعنى ذلك أن أصل بدن فاطمة أنقى ما في الكون ! فأي روح تناسب ذلك البدن تحل فيه ؟ ! لاحظوا القرآن وتدبروا في آياته ، لتجدوا أبواب حكمة تفوق حكمة ابن سينا ، يقول تعالى : فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين . ( سورة الحجر : 29 ) فقبل أن يسوي الله البدن بعلمه وحكمته لا تحل فيه الروح .

فانظروا كيف كانت تسوية بدن فاطمة ، وأي جوهر ستكون الروح الحالة فيه ؟ !

لابد أن نعترف أننا لا نفهم هذه المطالب إلا عندما يقول الإمام عليه السلام إذا أردت أن تستخير الله تعالى وتطلب منه أن يهديك إلى الخير فيما تريد الإقدام عليه فقل : اللهم إني أسألك بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ! هكذا فاستخر الله تعالى ، وبهذا الدعاء فادعه ! وتأمل في أول الدعاء وختامه ؟ ! وفي هذه المحورية لفاطمة الزهراء عليها السلام ؟ ! محورية لمن يقول الله تعالى فيهم :

 فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين . ( سورة آل عمران : 61 ) إنها عليها السلام محور هؤلاء الخمسة الذين لا سادس لهم في الكون ، والذين بواسطتهم يتم الاتصال بالله تعالى ، ولو دعوا الله أن يزيل الجبال لفعل ، ولو دعوه أن يطبق السماء على الأرض لفعل ! أحدهم المحور ،

 والثاني مركز الدائرة حول ذلك المحور ، وفي ذلك المركز سر مستسر ! ثم انظر كيف تتوزع مواقع الباقين ؟

 مواقع أين منها مواقع النجوم وأسرار أين منها أسرار الفيزياء ونسج الطبيعة ! ! إن في حادثة المعراج حقائق عجيبة ، نستطيع أن نتحدث عنها على قدر فهمنا وقدرة عقولنا ، لا على قدرها وواقعها ! القضية التالية التي سأنقلها اتفقت عليها كلمة الكل ، وقد رواها البخاري في كتاب بدأ الخلق وفي كتاب الاستئذان ، ( : 4 / 183 ) عن عائشة قالت : أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي فقال النبي ( ص ) : مرحبا يا ابنتي ، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسر إليها حديثا فبكت فقلت لها : لم تبكين ؟ ثم أسر إليها حديثا فضحكت ، فقلت ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن ! فسألتها عما قال فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله . حتى قبض النبي ( ص ) فسألتها فقالت : أسر إلي أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة ، وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي ، وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي ، فبكيت ! فقال أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين ، فضحكت لذلك ) . انتهى .
ونحوه في مسند أحمد : 6 / 282 ، لكن الأصح ما رواه البخاري : 4 / 210 وهو عن عائشة أيضا ، قالت : دعا النبي ( ص ) فاطمة ابنته في شكواه الذي قبض فيها فسارها بشئ فبكت ثم دعاها فسارها فضحكت ، قالت فسألتها عن ذلك فقالت : سارني النبي فأخبرني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه ، فضحكت ) . ونحوه في : 5 / 138 ، وقد رواه في مواضع أخرى .
وفي مسلم : 7 / 142 : ( عن عائشة قالت : كن أزواج النبي ( ص ) عنده لم يغادر منهن واحدة ، فأقبلت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله شيئا ، فلما رآها رحب بها فقال مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم سارها فبكت بكاء شديدا ، فلما رأى جزعها سارها الثانية ، فضحكت ! فقلت لها خصك رسول الله من بين نسائه بالسرار ، ثم أنت تبكين ؟ ! فلما قام رسول الله سألتها ما قال لك رسول الله ( ص ) ؟ قالت : ما كنت لأفشي على رسول الله سره ! قالت : فلما توفي رسول الله قلت : عزمت عليك بما لي عليك من الحق ، لما حدثتني ما قال لك رسول الله ؟ فقالت : أما الآن فنعم ، أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين ، وأنه عارضه الآن مرتين ، وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري ، فإنه نعم السلف أنا لك . قالت فبكيت بكائي الذي رأيت . فلما رأى جزعي سارني الثانية فقال : يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة ؟ قالت فضحكت ضحكي الذي رأيت ) .

وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري ! هذه الكلمة التي قالها النبي صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام ، غنية بالمعاني ، فهو يذكر فاطمة بالامتحان الكبير الذي أخبرها أنها ستواجهه بعد وفاته ! إن فراقها له أثقل عليها من السماء والأرض ، لكن ما بعد فراقه سيكون أصعب ! وقد أعدها لهذه المرحلة وشرح لها ما سيحدث ، وهو هنا يودعها ويؤكد عليها أن تتسلح بسلاح الأولياء في امتحاناتهم ( فاتقي الله واصبري ) ويبشرها بقصر مدة الامتحان ، وبالجزاء العظيم من الرب العظيم ! عندما نقرأ في زيارتها سلام الله عليها : يا ممتحنة ، امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك ، فوجدك لما امتحنك صابرة . ( مصباح المتهجد ص 711 ) نعرف أنها بلغت مقامها العظيم بامتحان الله تعالى لها ، لكنا لا نعرف إلا القليل عن ذلك الامتحان وكيف نجحت فيه بالصبر ، وكيف حبست نفسها على مرضاة الله تعالى حتى رحلت من هذه الدنيا !

بقطع النظر عن كل ذلك ، فإن كل المسلمين عرفوا أن نبيهم هو خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله ، وقد أوصاهم بعترته ، ولم يبق منه ذكرى بعد موته إلا ابنته الوحيدة عليها السلام ! وأن هذه البنت الطاهرة لاقت من أمته من يوم وفاته ، أنواعا من الظلم والأذى ، حتى أوصت أن تدفن سرا ، وتعمدت أن لا يعرف قبرها !

أقسم بالله أن هذه مصيبة فوق تحمل الإنسان ، بل فوق الوصف ! فما هو واجبنا تجاهها ؟ إن واجبكم أيها الفضلاء ، أنتم أهل الفكر ، وبعضكم حضروا بحوث الخارج لأكثر من عشر سنوات ، ووصلوا إلى حد النبوغ الفكري . . أن تطلقوا أقلامكم وألسنتكم في بيان هذه الظلامة ، التي لم ير العالم مثلها ، وأن تعرفوا الناس بهذه المظلومة ، التي لم يعرف التاريخ مظلوما مثل زوجها ، ومثلها ! اكشفوا للمسلمين ماذا حدث بمجرد أن أغمض النبي صلى الله عليه وآله عينيه ، حتى وصل الأمر إلى أن توصي فاطمة عليها السلام أن تدفن ليلا وسرا ؟ ! إن مسلما لا يمكنه أن يغضي عن هذه الحادثة ، إلا أن يكون في إيمانه خلل ! فهل يمكن أن يكون مؤمنا بالنبي صلى الله عليه وآله ثم يترك قضية ظلامة ابنته الصديقة الطاهرة ، ويساعد على التعتيم عليها وتضييعها ؟ !

إن ظلامة الزهراء عليها السلام جناية يجب أن يجعلها عوامنا محور كلامهم واهتمامهم وخواصنا محور بحثهم وحديثهم ، ليبينوا للعالم ماذا حدث ؟ !

اللهم اعف عنا ولا تجعلنا شركاء في ظلم فاطمة الزهراء عليها السلام ! اللهم أعنا لنبرئ ذمتنا ونقوم بواجبنا تجاه غضب الزهراء عليها السلام وحزنها ودموعها ! لقد حدد لنا أمير المؤمنين عليه السلام واجبنا عندما قال : يا رسول الله ! أما حزني فسرمد ، وأما ليلي فمسهد ، لا يبرح الحزن من قلبي ، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم . كمد مقيح ، وهم مهيج ، سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو ، وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك علي وعلى هضمها حقها ، فاستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ! ( أمالي المفيد ص 281 )


والمحاضرة ننقلها من كتاب الحق المبين في معرفة المعصومين (ع) للشيخ علي الكوراني العاملي ص 299 - 306

( بتاريخ : 1 جمادى الأولى 1413 - 28 / 10 / 1992 - 16 / 8 / 1371 )

Powered by: InnoPortal Plus 1.2 - Developed by: InnoFlame.com